للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك؛ لأنّ صاحبنا مكتمل الأدوات الشعريّة، فهو متين الديباجة غالباً، عارفٌ بمداخل الشعر ومخارجه، قادرٌ على أن يلج به كل ميادين الحياة، ولكنّه لم يكن -في جُلّ شعره- بارع الخيال جدّاً، أو ذا صور شعريّة رائعة ... وإن كان من صوره ما يحرّك قارئه أو سامعه، وهو كثير، ويستجيب للقاعدة التي سنّها القديم القائل:

إذا الشعرُ لم يَهْزُزْكَ عندَ سمِاعِهِ ... فليس جديراً أن يُقال له الشعرُ!

ومن نماذج شعر الخضر: هذه القطعة التي اقتبس من عنوانها عنوان ديوانه: "خواطر الحياة"، والتي أنشأها وهو طريح الفراش، فظهر أثر ذلك في بعض أبياتها:

أرَقٌ وهل يبغي القريحُ سوى السُباتْ؟ ... والقلبُ خفّاق كقادِمَةِ القَطاةِ

لا تُرْهقيني -ياحياةُ- ضنىً ... أما ... يكفي خطوبٌ كالأسِنَّة في اللَّهاةِ؟

ما أنت ملقيةٌ بسلْمٍ أقتني ... في ظلّه الضافي مفاخرَ رائعاتِ

وإذا طغَى سَقَمٌ ليُسلِمَني إلى ... بطنِ الثَّرى ... أيقظتُ أجفَانَ الأُساةِ

إنْ كنتُ مرقاةَ الفلاح لأمَّةٍ ... ضَربت بسطوتها على أيدي البُغاةِ

فالمَوتُ مِرقاةُ الهناءَةِ يوم لا ... يجد الأسارَى مِنْ فداءٍ أو حُمَاةِ

ونزعة التأمّل والاعتبار التي تلوح في هذه القطعة، وفي عدد من مقطوعاته الأخرى، وأبياتٍ من قصائده، مع العلم -من الاطّلاع على حياته- أنه، إلى جانب تضلّعه في اللغة، كان من خيرة فقهاء عصره ...

هذان الأمران دفعاني إلى التساؤل عمَّا إذا كان شعر الخضر من (شعر الفقهاء)؟.