ذلك؛ لأنّ صاحبنا مكتمل الأدوات الشعريّة، فهو متين الديباجة غالباً، عارفٌ بمداخل الشعر ومخارجه، قادرٌ على أن يلج به كل ميادين الحياة، ولكنّه لم يكن -في جُلّ شعره- بارع الخيال جدّاً، أو ذا صور شعريّة رائعة ... وإن كان من صوره ما يحرّك قارئه أو سامعه، وهو كثير، ويستجيب للقاعدة التي سنّها القديم القائل:
إذا الشعرُ لم يَهْزُزْكَ عندَ سمِاعِهِ ... فليس جديراً أن يُقال له الشعرُ!
ومن نماذج شعر الخضر: هذه القطعة التي اقتبس من عنوانها عنوان ديوانه: "خواطر الحياة"، والتي أنشأها وهو طريح الفراش، فظهر أثر ذلك في بعض أبياتها:
فالمَوتُ مِرقاةُ الهناءَةِ يوم لا ... يجد الأسارَى مِنْ فداءٍ أو حُمَاةِ
ونزعة التأمّل والاعتبار التي تلوح في هذه القطعة، وفي عدد من مقطوعاته الأخرى، وأبياتٍ من قصائده، مع العلم -من الاطّلاع على حياته- أنه، إلى جانب تضلّعه في اللغة، كان من خيرة فقهاء عصره ...
هذان الأمران دفعاني إلى التساؤل عمَّا إذا كان شعر الخضر من (شعر الفقهاء)؟.