للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي عني الخضر في قصائد ديوانه بالإنتاج فيها: وهي -في مجموعها- أغراض الشعراء الذين سبقوه، أو عاصروه من أبناء العروبة والإسلام، إلّا أنّه اهتمّ كثيراً بالمبادئ والقيَم؛ من دين، وأخلاق، واجتماعيّات ... خصّص لبعضها قصائد، واكتفى في بعضها الآخر بمقطوعات، أو خواطرَ عابرة.

وأحسب أن الأَنَفَة وعزّة النفس هي أبرز -أو من أبرز- ما أنشأ فيه شعره. مثلاً: (نخوة):

تبغي الليالي إن تَفُلَّ حُسامي ... وتصدَّ وجدي بالعلا وغرَامي

طفقَتْ تحثُّ خُطا المطيّةِ بعدَما ... أَلقت لها أيدي النّوى بزِمامِ

أتَخالني أبلَى بسلوةِ خاملٍ ... ما شطَّ عن وطني العزيز مقامي

العزمُ ما بين الجوانح مرهَفٌ .... والمجدُ أنّى سِرتُ فهو أمامي

والحديث عن (الوطن) الأنيس في هذه الأبيات ينبهنا إلى غرض آخر جليل من أغراض شعر الخضر، لا يكاد يغفل عنه، وهو (الوطنيات) التي ألهبت حماستَه إلى القول فيها غُربتُه الطويلة المبكرة، وكثرةُ ما عاناه في تنقّلاته ورحلاته (البَطّوطية).

ومن نماذج وطنيّاته: قَوله -إثر محادثة له مع أديب قدم عليه من تونس-:

أمحدّثي ... رُبّيتَ في الوطن الذي ... رُبّيتُ تحتَ سمائه وبلغتُ رُشْدا

وجَنْيتَ زهر ثقافة من روضَةٍ ... كنتُ اجتنيتُ بنفْسجاً منها ووَردا

هاتِ الحديث ... فإنّني أصبو ... إلى ... أنباء "تونسَ" من صميم القلب جِدّا

وهو لا يذكر "تونس" إلّا ذكر معها، أو في مقدّمة حديثه عنها "جامع الزيتونة"، ونوّه به وبأهله، معترفاً بفضله -وفضلهم- عليه، كما يتّضح ذلك