للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليالٍ قضيناها بتونس ... ليتَها ... تعودُ وجيْشُ الغاصِبين طَريدُ

وعلى ذكر ابن عاشور أقول: إنّ في شعر ابن الحسين ما يدل على أنّه يعتبره صفيّه وخلّه الودود، ولذا فإنه كلّما ذكر تونس، أو شأناً من شؤونها، أو بعضَ أهلها، جرّه ذلك إلى ذكر "ابن عاشور"، كما كان يذكر "الزيتونة"، ولا يوازي الشيخَ ابنَ عاشور في هذه المكانة إلا أحمد تيمور باشا في مصر، وفي ذلك يقول بعد موت تيمور:

تقاسَم فلبي صاحبانِ، وَدِدْتُ لو ... تملَّتْهُما عينايَ طولَ حياتي

وعلّلتُ نفسي بالمنى، فإذا النوى ... تُعِلّ الحشا طعناً بغير قَناةِ

فـ (أحمدُ) في مصرٍ قَضى و (محمّدٌ) ... بتونسَ لا تَحظَى به لحظاتِي

أعيشُ وملءُ الصدْرِ وحشةُ مترفٍ ... رمتْه يدُ الأقدارِ في فَلَواتِ

ومن هذه "الإخوانيات" أنتقل مع شاعرنا الخضر إلى غرضين تقليديين، هما: "المدائح"، و"المراثي".

فأمّا "المدائح"، فهي نادرة في شعره، ولكنّها موجودة؛ وفي طليعتها ما لا يكاد يخلو منه ديوان شاعر مسلم، وهو: "مدح خير البريّة" - عليه الصلاة والسلام والتحيّة -. وللشيخ الخضر في ذلك أكثرُ من مدحة نبويّة، ومنها "قافيّة" في "ذكرى المولد" عام ١٣٥٩ الهجري، يقول فيها:

ذكرْنا كيفَ لاحَ جبينُ طه ... وهَبَّ الفجرُ يُؤْذِنُ بانبثاقِ

كأن الفجرَ والميلادَ جاءا ... لإجلاءِ الظّلامِ على اتّفاقِ

ألا مَنْ مبلغٌ قمراً توارى ... وساطعُ نورِه في الناس باقِ

سلاماً كالصَّبا مرّت بروضٍ ... ولاقتها الكمائمُ بانفتاقِ