أحس بضغوط تحول بينه وبين تنفيذ ما يريد، أو تطلب منه تنفيذ ما لا يرضى، صمم على الاستقالة في (٢ جمادى الأولى سنة ١٣٧٣ هـ، ٧ يناير ١٩٥٤ م) قائلاً كلمته الشهيرة: "يكفيني كوب لبن، وكسرة خبز، وعلى الدنيا بعدهما العفاء"؟! ... ولقد ألمح إلى ملابسات استقالته عندما قال:"إن الأزهر أمانة في عنقي، أُسلِّمها -حين أُسلِّمها- موفورةً كاملة، وإذا لم يتأتَّ أن يحصل للأزهر مزيدٌ من الازدهار على يدي، فلا أقل من ألا يحصل له نقص".
- ومنذ ذلك التاريخ تفرغ للبحث والكتابة والمحاضرة، حتى وافاه الأجل، فانتقل إلى جوار ربه مساء يوم الأحد (١٣ رجب سنة ١٣٧٧ هـ، ٣ فبراير سنة ١٩٥٨ م)، فشيعه العلماء والفضلاء والعارفون لفضله وعلمه ونضاله، حتى لقد امتد موكبُ جنازته ما بين ميدان باب الخَلْق، والجامع الأزهر الشريف.
* الكنوز الباقية:
ولم يخلف الرجل وراءه من حطام الدنيا شيئاً، حتى لقد دفن - بناء على وصيته - بمدفن الأسرة التيمورية، مع صديقه العلامة أحمد باشا تيمور، لكنه خلّف - غيرَ النضال، والأثر الطيب، والذكر الحسن، والقدوة الصالحة - كنوزاً من الفكر، شاهدة على عقله المبدع والمجدد، وجهده الدؤوب، وعزمه الذي لم يعرف الوهن أو التقصير، فغير خطبه ومحاضراته ومقالاته وأبحاثه التي لم تجمع خلَّف لنا هذه المؤلفات: