والخيال عنده: خاصية نوعية ضرورية للشعر، وبدونها لا يكون الشعر شعراً، وأن نقد الشعر وتنظيره لابد أن يراعى فيهما ملكة الخيال؛ لأن هذه الملكة هي القادرة وحدها على إبداع شعر عظيم بواسطة التصرف في تشكيل المعاني، أو كما يقول:"قدرة على سبك المعاني وصوغها في شكل بديع".
وهو يعتبر أن الخيال هو نشاط نفساني بَحْت، له تأثيره الحاسم على الشاعر المبدع في لغته، وفي مضامينه، وفي أسلوبه، وهي القدرة على التعبير عن نفس المعنى بطرق مختلفة، بالتصرف في كل عناصر البلاغة؛ من استعارة، وتشبيه، وتصوير، تجعل المتقبل يتمثل هذا الشعر، ويستسيغه، ويتمثله، ويتجاوب معه؛ لطرافته، وجِدَّته، وحيويته، واصفاً إياه بالبديع.
والخيال وحده، أو عملية التخييل هي وحدها التي تعطي كساء اللغة الشعرية، وترتفع بها عن لغة الحديث والخطاب العادي؛ لأن اللغة الشعرية هي لغة تجتذب النفوس، وتسحرها؛ لأن النفوس في جوهرها ترتاح للجديد، وللمبتكر، وللغريب، وللطريف، ولكل شيء "تشاهده في زي غير الذي تعهده به"، والتخييل هو وحده الذي يعرض على النفس المعاني في لباس جديد، ويجليها في مظهر غير مألوف.
ويذهب هذا الناقد إلى أن العملية الإبداعية في الشعر تنهض بواسطة التخييل التي تربط بين ملكتي الإدراك والذاكرة، وبفعل هذه الملكات الثلاث تشكل المعنى البديع الذي يكون له التأثير الحاسم لدى المتقبل له، محفزاً عنده ملكة الانفعال.
والخضر يفرق بين مصطلحات ثلاثة هي: التخيل، والتخييل، والمخيلة.
والمخيلة هي "القوة النفسية"، أو الملكة التي تمكن الشاعر من استعادة