الصور التي اختزنتها ذاكرته، فيستحضرها، ويعيد تشكيلها من جديد بصيغة مبتكرة؛ لكي يصدم بها مخيلة المتلقي، ويُثريها انفعالياً إلى درجة التجاوب الكلي معها.
أما مصطلح الخيال عنده، فلا علاقة له بالمصطلح الفلسفي، فقد حول معناه، فأصبح يشمل كل جوانب العملية الإبداعية الشعرية، والمتكونة من: التخيل، والمخيلة، والذاكرة، والانفعال.
ويذهب إلى: أن مخيلة الشاعر تستخلص من صور الذاكرة ما يلائم الغرض، وتطرح ما زاد على ذلك، فتفصل الخاطرات عن أزمنتها، أو ما يتصل بها مما لا يتعلق به القصد من التخييل، ثم تتصرف في تلك العناصر بمثل: التكبير أو التصغير، وتأليف بعضها إلى بعض، حتى تظهر في شكل جديد.
وهذا الشكل الجديد الذي أنتجته مخيلة الشاعر قسمه إلى ظاهرتين يقول: إنهما متعارضتان من حيث الظاهر.
الظاهرة الأولى: وهي عملية التجسيد التي يقوم بها الإدراك الحسي.
الظاهرة الأخرى: وهي عملية التجريد التي يقوم بها العقل.
وإن الإبداع الشعري هو نتيجة للتفاعل بين الإدراك الحسي المتجه نحو الموضوع والعقل الذي هو الذات، والخيال الرابط بين هذه العناصر، أو بين الحس والعقل والخيال، وهو الأهم.
إن الإدراك الحسي في هذا الطرح هو مجرد مستقبِل لما يحدث خارجه في عالم الناس، وفي عالم الطبيعة، وإن الموضوع المادي هو مجرد معطًى لم تعمل الذات على تشكيله، واقتصر دورها على إدراكه، ثم تخزينه في الذاكرة.