ولذلك تبقى (المخيلة) بالنسبة للخضر هي العنصر الأساسي لكل إبداع شعري؛ لتوسطها لطرفي المعرفة، وهما: الإدراك الحسي، والعقل.
وهو يعتبر الإحساس أدنى مرتبة من المخيلة؛ لأنه منبع الانفعالات والغرائز. وفي المقابل: يعتبر العقل أرقى مرتبة من المخيلة؛ لأنه عماد المنطق والمعرفة اليقينية.
وهذا يعني عنده: أن المخيلة كما اقتربت من الحس، واقترنت به، كانت الأشعار عرضة للخطأ، همُّها إرضاءُ النزعات الدونية للإنسان، وهذا ما "تتشوق إليه نفسه الأمارة بالسوء".
ولأن الحس يقرب المتخيلة من الغريزة، ويربطها بها، فإن ذلك ينتج عنه معرفة زائفة، أو خيالاً زائفاً ينتج عنه الانحطاط الروحي والأخلاقي والذهني للإنسان.
وحَوْصَل الخضر حسين الشروطَ الواجب توفُّرها لكي يستطيع العقل الإمساك بالمعاني، والتفريق بينها، في عناصر ثلاثة، هي:
- اقتران معنيين في الذهن؛ حيث يكون الإحساس بهما في وقت واحد؛ لارتباطهما بمكان، أو زمان، أو حادثة معينة.
- تبايُن الصور وتضادُّها؛ مما يجعلها تحيل إلى بعضها، ومثالها: الشجاعة والجبن، الصدق والكذب، الجمال والقبح، العدل والظلم، وهكذا.
- التشابه والتماثل بين المعاني في أمور خاصة؛ أي: اشتراك المعاني في مواصفات ما.
وأشار هذا الناقد إلى أن تداعي المعاني يختلف من شاعر إلى آخر؛ نظراً