للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلامة محمد المكي بن عزوز قد سبقهم إلى الإقامة بمدينة إستانبول منذ عام ١٨٩٨ م.

وجد الشيخ في دمشق من الحرية النسبية ما لم يجده في تونس، فنثر معارفه، فتهافت عليه عِلْيَة القوم ووجهاؤهم، وعقدت المجالس العلمية، وكان الشيخ الخضر "واسطة العقد في تلك المجالس" (١)، وانتصب للتدريس في "كرسي الشيخ محمد عبده" (٢) في المدرسة السلطانية.

اندلعت الحرب العالمية الأولى، وكانت تركيا طرفاً فيها إلى جانب ألمانيا، فضيقت الحكومة التركية حرية القول ومجال الحركة على الناس، وكانت ممارسة ممثليها في الشام -وعلى رأسهم جمال باشا- سيئة ظالمة، فتعرضت إلى انتقادات، خاصة أن أمر تركيا يزيد من يسمون: الشبان الأتراك ذوي الاتجاه اللائكي، المتورطين في التعامل مع الصهيونية والماسونية، وكان الشيخ محمد الخضر ممن مسّهم نصب وعذاب جمال باشا؛ إذ ألقاه في السجن بضعة شهور.

* نضال في سبيل القضبة الوطنية:

دُعي الشيخ محمد الخضر إلى إستانبول في عام ١٩١٧ م، وعهد إليه بوظيفة "التحرير بالقلم العربي" في وزارة الحرب التركية، ولكن مقامه لم يطل في تركيا، فانتقل رفقة مواطنه صالح الشريف (من الصومام) إلى ألمانيا وسويسرا، وشكَّلا لجنة لتحرير الجزائر وتونس، يؤازرهما فيها مجموعة


(١) "آثار الإمام الإبراهيمي" (ج ٣، ص ٥٦٦).
(٢) أنور الجندي: "الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقية" (ص ١٧).