الأزهر إلا شيخ لا تجريح في سمعته، ولا تشويه في صفحته، ليس صعيدياً ولا بحراوياً، حتى لا تكون هناك فتنة، وليس من ورائه أشياع أو أتباع يهرجون، حتى لا تكون هناك مهزلة، وليس راغباً في المنصب حتى يظل للمنصب الكريم هيبته، وليس زاهداً في ذرة من كرامته حتى تظل كرامة الأزهر في إطار من الذهب الخالص، محوطة بالإجلال والوقار، وأعتقد أن ولاة الأمور ما تعبوا في شيء تعبهم في العثور على شيخ للأزهر تكتمل فيه هذه الصفات، كما أعتقد أن إخلاصهم للأزهر هو الذي وفقهم إلى اختيار هذا الشيخ الجديد الذي تتوفر فيه كل هذه الصفات.
والشيخ الجديد -فضيلة الأستاذ محمد الخضر حسين- عالم جليل، لم يعترف إلا بالنسبة الإسلامية، فقد جاهد في مسقط رأسه من أجل الإسلام ووطنه، حتى أوشك حبل المشنقة أن يضرب حول عنقه، وجاهد في مصر والشام وغيرهما من أجل العروبة والإسلام، وجاهد في بلاد أوربا بقلمه ولسانه داعياً للإسلام وأمته.
والشيخ الجديد ليس من خلفه أشياع ولا أتباع حتى يهرجوا له؛ لأن وقاره يسمو به عن أن يتخذ من حوله أشياعاً أو أتباعاً، ولأن اعتزازه بنفسه يربآن عن اتخاذ هؤلاء الأشياع والأتباع.
والشيخ الجديد ليس راغباً في المنصب، ولا في المظهر؛ لأن مكانته العلمية والأدبية أغنته عن كل هذا؛ فقد ظل السنوات الطوال منعزلاً في حدود عمله، وهو أستاذ في كلية أصول الدين، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو مجمع فؤاد للغة العربية، ورئيس جمعية الهداية الإسلامية، ورئيس تحرير مجلات: الأزهر، ولواء الإسلام، والهداية الإسلامية، ولا أعتقد أن الشخصية