للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك هو أنني لم أرض عن شعري الذي أقوله، وأتذكر أنني قلت عن الشعر: "أجوده ليس في متناول قريحتي، وغير الأجود تتسامى عنه همتي" .. مع انصرافي إلى العلم والقضايا العامة، لم تنقطع صلتي بالشعر، بل ظللت أقر له بين الفينة والفينة في النواحي الإصلاحية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية والدينية ..

فقلت للشيخ: هل يستفاد من ذلك أنه لا يمكن الجمع بين التوسع في العلم والعناية بالشعر؟ أو أن هناك تباعداً بين ميدان الشاعر وميدان العلم؟ وهل هناك غضاضة في أن يقول العالم الكبير شعراً؟ ..

فأجاب: ما إلى هذا قصدت، ولكنني أصور ما حدث بالنسبة إليّ، وفي الوقت نفسه أقول: إن هناك كثيرين انصرفوا إلى الشعر وحده، وكثيرين انصرفوا إلى العلم وحده، وبجوار هؤلاء وهؤلاء طائفة معدودة استطاعت أن تجمع بين العلم والشعر، فزادها ذلك الجمع مكانة ورفعة، منهم: القاضي عبد الوهاب المالكي البغدادي، ومنذر بن سعيد البلوطي الأندلسي القاضي، ويحيى بن يحيى الليثي الفقيه. ومنهم: أبو الوليد الباجي الفيلسوف، ومنهم: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني، فهؤلاء كانت مكانتهم في العلم والدين والفتيا سامقة عالية، وكانوا يقولون الشعر، ولا يرون به بأساً ..

فسألته متبسطاً في الحديث: ألم تقولوا شعراً عاطفياً؟ ..

فقدم إلي نسخة من الطبعة الأخيرة لديوانه، وقال وهو يبتسم في وقاره المألوف، بعد أن وقع لي بإهدائه على النسخة: تصفح هذا الديوان، ففيه كل ما بقي بين يدي من الشعر ..

وقلبت الصفحات فإذا هي الأبيات: