مكان إلى مكان، بل كنت أطمح إلى أن أستقر يوماً من الأيام في دار لا يحتمل الإنسان فيها مذلة أو هواناً، وقد وجدت طلبتي في مصر، فجعلتها داري ومستقري منذ قرابة أربعين عاماً.
ولقد صورت ضجري من كثرة أسفاري، واتصال ارتحالي في أبيات ثلاثة نظمتها سنة ١٣٣٨ هـ وفيها أقول:
أنا كأس الكريم والأرض نادٍ ... والمطايا تطوف بي كالسقاة
كم كؤوس هوت إلى الأرض صرعى ... بين كفٍّ تديرها واللهاة
فاسمحي يا حياة بي لبخيلٍ ... جفن ساقيه طافح بسبات
* رسالة المجمع اللغوي:
وانتقلت بالشيخ من ميدان هذه الذكريات إلى ميدان اللغة والمجمع اللغوي، فقلت:
- إنك عضو في المجمع منذ عهد بعيد، فهل نستطيع أن نقول: إن المجمع أدى رسالته؟
وأجاب الشيخ:
أقولها لك صريحة واضحة، لا مواربة فيها ولا مجاملة: إن المجمع اللغوي لم يؤد رسالته، وليس هو من الإهمال لهذه الرسالة والتفريط فيها بالصورة التي يصوره بها بعض الناس في نكتهم ودعابتهم، ولكنه في الوقت نفسه لم يقم بواجبه، وقد يرجع السَّبب في ذلك إلى اختلاف الآراء المتضاربة، وكثرة الاتجاهات المتعاندة، وتحكم الشخصيات أحياناً، مع تشتت في الأذواق والمشارب، مع قلة في المال المخصص له، ولو أن ميزانية المجمع