للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمضي السيد محمد مواعدة متحدثاً في هذا القسم عن جامع الزيتونة في ذلك العهد، وعن شيوخ محمد الخضر حسين، وتخرجه عنهم، ثم توليه خطة القضاء ببنزرت، والتدريس بجامع الزيتونة إلى تاريخ رحلته إلى الشرق، وهو بداية الطور الثاني من حياة الرجل، وتخص هذه المرحلة الثانية كامل الفترة التي قضاها من حياته في دمشق، وانتقل أثناءها إلى الآستانة وبرلين، وتمتد من سنة ١٩١٢ إلى سنة ١٩٢٠ م، وهي السنة التي غادر فيها سوريا للاستقرار نهائياً بمصر، ويمكن تسميتها بمرحلة التنقل والترحال.

وأهم ما يحتفظ به الدارس من هذه المرحلة الثانية من حياة الرجل: أنها امتازت بكثرة التنقل أثناء الحرب العالمية الأولى، وقد قام فيها بمهام خطيرة لم يرد في شأنها ما يشفي الغليل من تفاصيل واضحة، بقدر ما نعرف من ناحية أخرى أن محمد الخضر حسين أمضى في دمشق أعواماً طويلة، ودرّس علوم الدين والعربية في المدرسة السلطانية (١)، كما نعلم عن الرجل من حيث اتجاهه السياسي (٢): أنه كان يثتمي منذ كان بتونس إلى الحزب الدستوري


(١) بدأ التدريس سنة ١٩١٣ م في هذه المدرسة، وهي أشهر مدارس دمشق. انظر: (ص ٣٣٤).
(٢) لم تكن للإمام الخضر حسين أية صلة مطلقاً بالحزب الدستوري، أو بالشيخ عبد العزيز الثعالبي. وكيف يبرر الكاتب هذا الادعاء، وقد علمنا أن الإمام قد غادر تونس نهائياً عام ١٩١٢؛ أي: قبل تأسيس الحزب بثمان سنوات. ثم إن المطّلع على حياة الإمام ومراحل حياته في دمشق والقاهرة يعلم أنه لم يكن هناك صفاء في الصدور، ولا عداوة ظاهرة بين الإمام والشيخ الثعالبي. ونترك التفصيل في هذا الموضوع إلى ميدان آخر، أو لعلنا نصرف النظر عنه خدمة للإسلام، ونطلب الرحمة للشيخين.