واصل -رحمه الله- السنين المباركة في حياته بعد ذلك في التدريس بكلية أصول الدين على طريقة العلماء الأقدمين في التحقيق والرجوع بقضايا العلم إلى أصولها، والغوص في أعماقها، ويقضي الليالي في محاضرة جماهير الشباب وأهل الفضل بدار "جمعية الهداية الإسلامية" داعياً إلى تجديد حيوية الإسلام في نفوس أهله، وتقرير حقائقه بأساليب بليغة، كانت موضع الحرمة والتقدير من جميع الطبقات.
وعندما أسس المجمع اللغوي، كان من أقدم أعضائه، وله فيه بحوث وقصائد ودفاع عن الفصحى، وتبيان لأسرارها، وعرض لجواهرها.
وفي سنة ١٣٧٠ نال عضوية هيئة كبار العلماء برسالة "القياس في اللغة العربية" التي ألف أصولها وهو في دمشق أيام الحرب العالمية الأولى، وفي يوم الثلاثاء (٢٦ من ذي الحجة ١٣٧١ هـ - ١٦ سبتمبر ١٩٥٢ م) خرج من مجلس الوزراء أثناء انعقاده ثلاثة من أعضاء ذلك المجلس، فتوجهوا إلى المنزل الذي كان يسكنه الشيخ، وعرضوا عليه مشيخة الجامع الأزهر باسم حكومة الثورة، وجاء الشيخ إلى مشيخة الأزهر، وللأزهر في ذهنه رسالة يتمنى لو اضطلع بها الأزهر؛ ليتم له بها حمل أمانة الإسلام.
وكان هذا الاختيار تحقيقاً للأخوة الإسلامية في الدستور الإسلامي، وبرهاناً من الله -عزَّ وجلَّ- على أن من كان مع الله، كان الله معه، وعلى أن من عاش يؤثر الآجلة على العاجلة عند اختلافهما، فإن الله يكافئه بخير مما يطمع فيه الذين يؤثرون العاجلة على الآجلة.
ولما أضعفته الشيخوخة عن مواصلة الاضطلاع بحمل هذه الأمانة، عاد إلى منزله يواصل العكوف على الكتب والكتابة والتفكير، حتى لقد نظم ديواناً