وعند سقوط الدولة العثمانية في أيدي الحلفاء، عاد الشيخ الخضر إلى تركيا، ثم إلى سوريا، وكان يعاني من ألمين محزنين: سقوط الخلافة العثمانية، وموت والدته -رحمها الله-.
وظل في دمشق يفيض نشاطاً وإبداعاً، يكتب، ويحاضر، ويدرس، ويؤلف الكتب، ويلتقي بأصدقائه في جلسات مسامرة وأدب، وفي سنة ١٩١٧ تم تعيينه كعضو عامل في المجمع العلمي العربي بدمشق، وباختصار، فقد كانت السنوات الثمانية التي عاشها في سورية من أسعد مراحل حياته، ومن أزخرها نشاطاً وحركة وإنتاجاً.
وتشاء الأقدار أن يظل الاستعمار الفرنسي يتتبع بشبحه الرهيب مسيرة شيخنا؛ حيث احتلت سورية سنة ١٩٢٠ من طرف فرنسا، وكان دخولها إلى دمشق يحمل كل مخاطر التهديد والوعيد للشيخ الخضر، فما كان منه إلا أن يشد رحال السفر، ويهاجر إلى القاهرة عاصمة مصر.
صادف الشيخ الخضر بعض الصعوبات في مصر خلال المرحلة الأولى لإقامته فيها، ولكنه اعتمد على قوة علمه في شق طريقه بنفسه، والتفّ حوله أبناء المغرب العربي المتواجدين آنذاك بالقاهرة، فقام وأسس لهم جمعية (تعاون جاليات شمال إفريقيا)، وكان يدرّس في الجامع الأزهر، وينبري في كتاباته بالرد على المعارضين لمبدأ الخلافة الإسلامية، كما فعل في كتابه "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" رد على كتاب الشيخ علي عبد الرازق، وكذلك فعل مع الدكتور طه حسين في الرد عليه بكتاب "نقض كتاب في الشعر الجاهلي". ووقعت بينه وبين الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة "المنار" مشادات كتابية كبيرة، وأصبح الشيخ في مصر قبلة الأنظار، وكانت له المكانة السامية،