إسطنبول، وعين محرراً بالقلم العربي في إدارة الأمور الشرقية، واستمر ينشر العلم ويرفع راياته، إلى أن قارب عقد الهدنة، فاضطر إلى الرحيل إلى ألمانيا مرة أخرى، فمكث بها نحو سبعة أشهر، عاد خلالها إلى درس الحالة الاجتماعية الألمانية، ولما انتهت الحرب، وانقشعت سحبها المظلمة، انتقل فضيلته إلى إسطنبول، وعاد إلى الشام في عهد الدولة العربية، وعين مدرساً للعلوم الدينية بالمدرسة التجهيزية، وقبل أن يباشر وظيفته انقلبت الحالة السياسية العامة في ذي القعدة سنة ١٣٣٨ هـ، فنزح إلى مصر التي شاء الله أن تضم بين جنبيها عَلَماً من أعلام الدين، وقُطباً من أقطابه العاملين، فاستطاب العيش تحت سمائها، واستمرأ الحياة بين ظَهْرانَي أهلها، ولمَّا يمض عام على وصوله حتى عُيِّن مُصحِّحاً بدار الكتب المصرية، فلم تشغله وظيفته عن الاطلاع، ومواصلة البحث والتحقيق.
حتى أقبل عام ١٣٤٤ هـ فظهر كتاب "الإِسلام وأصول الحكم"، فعكف فضيلة الأستاذ الخضر على تأليف كتابه المشهور الذي يرد فيه على كتاب "الإِسلام وأصول الحكم"، ويقوض كل ما جاء فيه من دعاوى باطلة، ويَدْحَض كل شُبهه بسَعَة علمه، وقوة حجته، وما هي إلا أشهر حتى ظهر الكتاب، وتلقاه رجال العلم على اختلاف طبقاتهم بالاستحسان، أحق فيه الحق، وأزهَق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً.
وما أقبل ربيع سنة ١٣٤٥ هـ حتى ظهر كتاب "في الشعر الجاهلي"، فاستقبله الناس بعاصفة هائلة من السخط والإنكار على هذه الطائفة التي جعلت نُصْب عينيها -في ذلك الوقت- النَّيْل من هداية الإِسلام، والغضَّ من رجال جاهدوا في سبيله بحجة وعزم وإقدام. فانبرى لهم فضيلة الأستاذ، وألف كتابه