بها نقص في كلمات أو جمل، وأحياناً صفحات كاملة، وذلك لقدم العهد، وتلاشي البعض من أوراقها، إما أكلها الفأر، أو ثقبها السوس ثقباً، أو وسخت بالحبر، أو غير ذلك من عوامل الفساد، وبناء عليه، فمأمورية الأستاذ الخضر النابغة هي تكميل ما نقص من الأصل، مع مراعاة أساليب ذلك التأليف من تبويب وتقسيم وتفصيل، ومع مراعاة درجة المؤلف -أيضاً- من حيث الإنشاء والتعابير، سواء في النثر أو الشعر.
وطبعاً إن التآليف المعروضة للطبع مختلفة الفنون والعلوم، ويحتاج المصحح إلى اطلاع واسع، وإلمام تام بجميع العلوم العربية؛ كي يمكنه أن يكمل النقص في النحو أو الصرف، أو التوحيد أو المنطق، أو الحساب أو التاريخ، أو الهندسة أو الجغرافية، أو الطبيعة أو الكيميا، أو علوم البلاغة، إلى غير ذلك من المباحث الدينية أو الأدبية أو الرياضية.
فالتصحيحُ أو التكميل الذي من هذا النوع هو فني، ويحتاج إلى نبوغ وتخصص في جميع العلوم دون استثناء.
فمن هذه الناحية يكون الأستاذ الخضر نابغة عصره، ولولا أنه عَلَّمَ تلامذةً أصبحوا اليوم أخصائيين في التصحيح الفني، لصعب على إدارة المكتبة العامة الإتيانُ بعالم متفنن يقوم مقامه عند تخلِّيه عن مهمة التصحيح، وتفرّغه للتدريس بالأزهر في المعهد الأخير، ثم الارتقاء إلى أعلى المناصب العلمية.
* أخلاقه وصلاحه:
كان شيخي معروفاً في تونس، وفي البلاد الشرقية بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وحسن المعاشرة، ولم يعرف عنه الحمقُ والشراسة وضيق