أنها تفتح باب الاجتهاد؛ لأني قلت في أول عدد منها؛ "ودعوى أن باب الاجتهاد مغلق لا تُسمع إلا مع دليل يبطل الدليل الذي انفتح به أولاً". وشجعني على إنشائها شيخنا أبو حاجب، وقال لي في باب الشفاء من جامع الزيتونة: أقول لك ما قاله ورقة بن نوفل: "ما أتى أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي". وكان شجعني عليها كذلك الوزير محمد بوعتُّور. وشكا إليه بعض الشيوخ مما نشر في المجلة مما يتعلق بالخطابة، فأجابه الوزير -وكان من العلماء الأجلة، ورأيت له نسخة من "المفتاح" للسكاكي بخط يده الجميل-: إن ما تنشره المجلة لا يعارض الشرع ولا القانون".
ونراه فيها يبكي مسجد المسلمين الضائع، ويستنهض الهمم للصناعة والعلوم المادية، فيقول:
أبناء هذا العصر هل من نهضة ... تشفي غليلاً حره يتصعد
هذه الصنائع ذللت أدواتها ... وسبيلها للعالمين ممهد
إن المعارف والصنائع عُدَّة ... بابُ الترقي من سواها موصد
وكان ينشر فيها شعره الحماسي أمير شعراء تونس السيد الشاذلي خازندار. وله يقول الشيخ الخضر:
ما زلت أذكر ما خطت يمينك في ... سفر السعادة من آدابك الغرر
وأنفع الشعر ما هاج الحماسة في ... شعب يقاسي اضطهاد الجائر الأشر
ولقد وضحت خطة الشيخ في حياته: إصلاح اجتماعي وديني، وإيقاظ النفوس لاستعادة مسجد الإِسلام، ونفض غبار الذل والاستكانة للأوربيين. وكان يسميهم تهكماً: المعمرين، وإنما هم المخربون، ودعوة للوحدة بين المسلمين، ونبذ للقوميات الوطنية التي فرقت المسلمين قِدَداً، وبددتهم عباديد