للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتقسمهم المستعمرون الأجانب. ويقول في هذا:

نادوا بها قومية خرقاء أو ... وطنية لا حبذا ذاك النداء

وإذا ذكرت الدين قالوا خلِّنا ... من ذكره وعلى أُخوته العفاء

وتجلت مكانته، وعلا كعبه في هذه الحقبة، فولي القضاء في "بنزرت" في سنة ١٩٠٥، ولكن لم ترقه حياة القضاء، إذ تحول دون ما يريد من الدعوة للجهاد، ومناهضة المستعمر. فترك هذا المنصب، وولي التدريس في جامع الزيتونة؛ حيث تخرج عليه الجلة الفضلاء. وكان مما درّسه إذ ذاك كتاب: "المثل السائر".

* هجرة الشيخ من تونس:

لبث الشيخ في تونس يحمل علَم الجهاد والإصلاح والاتجاه بالنقد على عسف الفرنسيين. ويقول في بعض حديثه: من يسمونهم بالمعمرين، فلهم في المظالم قصص تملأ أسفارًا، فلا أدري ما أذكر منها وما أدع، وخاطبتني المحكمة الفرنسية سنة ١٣٢٥ هـ بإشارة من شيخ المدينة أن أكون عضواً في المحكمة لأحضر حكمها بين الوطني والفرنسي، فامتنعت من هذه العضوية، ولم أرض أن يصدر الحكم الجائر بحضوري.

وقد حدثت في هذه المدة في تونس ثورات وطنية، قمعت بالغلظة من الفرنسيين، والتنكيل بمن يهيِّج الناس عليهم، فأزمع الشيخ الرحيل من بلده المحبوب الذي عفَّى على محاسنه القومُ الظالمون، واتجه نحو الشرق عسى أن ييسر له في سبيل دعوته ما يجعلها مثمرة مجدية.

واستوطن دمشق إذ كانت لا تزال تحت سلطان العثمانيين لم يحتلها الأجنبي. وكان فضله قد سبقه إليها، فنصب للتدريس بالمدرسة السلطانية،