خالٍ من الهجاء، ومن جميع الأغراض التافهة الأخرى، وهذا في حد ذاته ينم عن خلق رفيع، واتجاه نظيف، وكلاهما ليسا بدعاً في أخلاق الرجل، فهو من عرفنا تمسكاً بأخلاق الإسلام، وحرصاً على الاستقامة التامة في حياته وعلاقاته مع الناس.
* المرأة في شعره:
يكاد شعر الخضر حسين يخلو تماماً من الحديث عن المرأة، وهو خالٍ تماماً من الغزل.
ولا شك أن اجتنابه الغزل واضح الأسباب، من حيث منزلة الرجل الدينية، وطبيعته الجدية الصارمة، وحرصه البالغر -إلى حد التزمت- على نظافة حياته، قولاً وعملاً من هذه الشبهات. كل ذلك يفسر خلو شعره من الغزل، ولكن ذلك لم يمنعه من الحديث عن المرأة بما يشبه الغزل. أقول: يشبه الغزل؛ لأنه لم يتغزل فعلاً، وإنما عالج موضوعاً عالجه غيره من الشعراء القدامى، فهو ليس من نوع المعارضات الشعرية، وإنما تضمين لمعنى اشتهر به شاعر قديم، أو محاكاة ومجاراة لقول مأثور في التشبب بالمرأة.
فمن ذلك محاكاته لقول عنترة المشهور:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المبتسم
يقول الخضر حسين:
ولقد ذكرتك في الدجى والجند قد ... ضربوا على دار القضاء نطاقا
وقضاة حرب أرهفوا أسماعهم ... وصدورهم تغلي عليّ حناقا