وفي مجال البحث الأدبي القائم على التحليل والمقارنة، كان له فضل السبق إلى بحث موضوع طريف ومبتكر .. هو موضوع "الخيال في الشعر العربي"، فلست أعلم أن أحداً قبله عالج هذا الموضوع، وخاصة بشكل كتاب كامل ومستقل. وحتى صاحبنا الشهير (أبو القاسم الشابي) في كتابه: "الخيال الشعري عند العرب" كان متأخراً عنه، مترسماً خطاه، وإن لم يقلده، أو يجاريه في شيء مما ذهب إليه.
أما موضوعاته الدينية والإسلامية بوجه عام، فإنه كان يعتمد فيها مذهب السلف، وتمجيد أعمالهم، والتنويه بخصالهم، واعتبارهم المنار الذي لا يستنار إلا به.
لذلك تراه يكاد لا يخرج عما ذهبوا إليه، أو اجتهدوا فيه. وهذا لا يعني أن الرجل كان جامداً، أو محافظً، أو متعصباً لكل قديم .. وإنما كان يميل إلى الاعتماد على السلف، والاهتداء بهم وبآرائهم قبل غيرهم. لكنه كان -مع ذلك- يمتاز عن كثير من أمثاله الشيوخ بالتفتح والتبصر لفهم آراء غيره، ومناقشتها بهدوء -عُرف به- والرد عليها -عند اللزوم- بالحجة والنص، وإعمال الرأي.
وفي هذا الصدد يقول أحد مترجميه:
"كان محمد الخضر حسين مستنيراً، متفتح الذهن، يدعو للإصلاح على أساس قاعدة علمية واضحة (١). وهو يؤمن بفكر لا يتعصب لقديم، ولا يفتتن بجديد. يعتمد الرأي حيث يثبته الدليل، ويثق بالرواية بعد أن