للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأزهر في ذلك العهد، تقرأ فيه علوم الدين؛ من تفسير وحديث وفقه وعقائد، وعلوم اللغة؛ من نحو وصرف وبيان ومعان، في كتب مقررة لها متون وشروح وحواش، ويقضى الوقت في تفهم تعبيراتهم، وإيراد الاعتراضات والإجابة عنها، فالعلم شكل علم لا علم، والنتاج جدل لا حقائق، والناجح في الامتحان الذي يستحق أن يكون عالماً: أقدرهم على الجدل، وحفظ المصطلحات الشكلية، أما الجميع، فسواء في عدم التحصيل إذا مسوا الحياة الخارجية، فالمناقشة في أن شرب الدخان حلال أو حرام، والغيبة أشد حرمة أم سماع الآلات الموسيقية، وخيال الظل تجوز رؤيته أو لا تجوز".

ويقص الأستاذ محمد الخضر حسين نفسُه طريقة أحد أساتذته في التدريس، فيقول عن شيخه عمر بن الشيخ، نقلاً من مجلة "الهداية الإسلامية" جمادى الآخرة ١٣٥٥ هـ: "أما أسلوب الأستاذ في التعليم، فمن أنفع الطرق، كان يقرر عبارة المتن، ويبسطها حتى يتضح المراد منها، ثم يأخذ في سرد عبارات الشرح، وما تمس الحاجة إليه من الحواشي والكتب التي بحثت في الموضوع، لا سيما الكتب التي استمد منها شارح الكتاب، ويتبعها بالبيان جملة جملة، ولا يغادر عويصة أو عقدة إلا فتح مغلقها، وأوضح مجملها، بحيث يتعلم الطالب من دروسه كيف تلتقط الجواهر للمعاني من أفواه المؤلفين، زيادة عما يستفيده من العلم ثم يقول عنه: "تلقيت عن الأستاذ -رحمه الله- دروساً من "تفسير البيضاوي"، ودروساً من "شرح التاودي على العاصمية"، ودروساً من "شرح الشيخ عبد الباقي على المختصر الخليلي "، وكنت بعد أن استقال من منصبي الفتوى ونظارة الجامع أزوره كثيراً؛ حرصاً على الاستفادة من علمه".