"محمد" المطبوع سنة ١٩٠٥، وقارئ الرد المفحم الذي كتبه الأستاذ يرى عجباً حين يجد الدكتور يضطر للشك في المتواتر من أخبار القرآن بحكم منهج (ديكارت)، ثم يقبل كل رواية مريضة واهية يذكرها كتاب "الأغاني" كحق مسلَّم يستند إليه في قضية الانتحال، حتى اضطر القارئ إلى الاعتقاد بأن المنهج الديكارتي لا يصلح فقط إلا حين يجابه الحقائق لا الأراجيف.
وإذا كان فريق من الأساتذة الأعلام؛ كالأستاذ الرافعي، والدكتور الغمراوي، ومحمد لطفي جمعه، ومحمد فريد وجدي، قد مزقوا كتاب الدكتور تمزيقاً علمياً بما فضحوه من السرقة والتدليس ومجافاة الحق، فإن الأستاذ الخضر قد زاد عليهم جميعاً بشيء تفرد به، وهو غوصه على النصوص العربية من أمهات كتبنا العلمية التي جهلها الدكتور، فظن أفكاره في الشك والانتحال والاستشهاد بالقرآن ستكون جديدة على القارئ العربي! وأكثرها مدون بنزاهة في الكتب الأمينة التي حرفها الاستشراق عن قصد، ثم سطا عليها طه بعد التحريف، فثرثر وأطال.
فطه مثلاً يقول في (ص ٩): "وينتهي بنا البحث إلى نتيجة غريبة، وهي أنه لا ينبغي أن يستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث، وإنما يستشهد بالقرآن والحديث على تفسير هذا الشعر وتاويله". والأستاذ الخضر يقول -مثلاً- في الرد على ذلك (ص ٢٢): "لم تكن هذه النتيجة غريبة إلا عند من يتناول البحث خطفاً، ولا يمشي فيه على روية وأناة، وقد أنكر بعض أهل العلم فيما سلف على من يتوقف من النحويين في تقرير ألفاظ القرآن على شاهد عربي، ومن هؤلاء: فخر الدين الرازي؛ حيث يقول في "تفسيره الكبير": "إذا جوزنا إثبات اللغة بشعر مجهول عن قائل مجهول، فجواز إثباتها بالقرآن