القول الفصل! وقد تطرق إلى الرد عليه في الصحف اليومية من لا يقف معه في مستوى واحد، كما وجد من تساند الإلحاديين وتكالبهم على تأييده بما يملكون من صحف وأندية وأقلام ما يخلع على كلامه بعض الوجاهة لدى الضعفاء، ولكن السيد محمد الخضر -نضر الله وجهه- يتصدى لهذا الإفك الصريح، فيأتي على بنيانه من القواعد، وكان مجاله النقدي هذه المرة في قمة من القوة والتمكن والإفحام؛ لأن الجدال ليس في الرواية والقصص والانتحال كما في أكثر فصول "الشعر الجاهلي"، ولكنه يدور حول قواعد أصولية عميقة في الفقه والحكم والتشريع، ويجد من تاريخ الإسلام الحافل برجاله وحوادثه ومؤلفاته ما يعين على جلاء الشك، ورد الزيغ، لذلك كان مؤلَّف الخضر حجة قوية تقود المنصفين إلى مراشد اليقين، وقد ظل الأستاذ علي عبد الرازق ضائقاً به حتى بعد ربع قرن من صدوره، وانتهاء المعركة على نحو يرضي المخلصين، فقد قرأت بالسنة الثامنة -على ما أذكر- من مجلة "لواء الإسلام" كلمة للأستاذ علي عبد الرازق تنبئ عن غضبه الموقد على الأستاذ، وتعيب طريقته في نقد الكتاب، ومجمل العيب في رأيي الأستاذ عبد الرازق أن الأستاذ الخضر ينقل كل نص من نصوص الكتاب على حدة، ثم يفنده بالرأي والدليل، وذلك أدعى إلى تمزيق الفصل الواحد وتشتيته. ونحن نقول للأستاذ عبد الرازق: إنه قد ظلم الحق فيما قال؛ لأن هذه النصوص تأتي متوالية متعاقبة، وقارئ النقد يستطيع أن يجمعها بسهولة لتكون كل ما جاء بالفصل الواحد من الكتاب، وهي بعد خير وأقوم من مسلك ناقد يلخص الموضوع من عنده، ثم يعقب عليه، إذ ربما فات من التلخيص شيء هام لا يعرفه القارئ المحايد، ولا ندري كيف يحافظ الخضر على نصوص الكتاب