على الجنسية الفرنسية، فيكون للمتجنس الوعد بالمساواة مع الفرنسيين الممتازين بزيادة الثلث على مرتباتهم، والدخول إن أمكن للوظيف العمومي، والقروض لإحياء الأرض الدولية التي توزع على الفرنسيين، ونقل قضايا الخصام إلى المحكمة الفرنسية في الأحوال الشخصية وغيرها، إلى آخر ما هنالك من الامتيازات للمستعمرين الذين يريدون إذابة الجنسية التونسية والملة الإسلامية، وكان قد أشيع بتونس أن شيوخ المجلس الشرعي قد أفتوا بجواز التجنيس وبقاء المتجنس على إسلامه، وسارت في الشعب فورة استنكار وغضب، وقصصتُ الإشاعة كما هي للشيخ، فاستفهمني عن هذه النقطة بالذات، فقلت له: إنها شائعة في البلاد، فظهر في نبرات السؤال الألم لهذا الاتهام، والإنكار له، فعلمت أني أخطأت في قول الله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٦].
وإنا كنا ولا زلنا نشيع في الناس ما يوحى به إلينا من تحطيم المخالف في الرأي بكل الوسائل، وكان الواجب على المسلم أن يرفض ما يرمى به أخوه من السوء، وأن يحفظ لسانه من قول الزور {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النور: ١٩].
واستشرت الشيخ في أمر مرة، فقال بصراحة المؤمن: لا أستطيع ذلك، فكان الرد جميلاً، لا يعد فيخلف، واستشرت مرة أخرى آخر، فوعد وأخلف، ووصل الحديث مرة إلى التعليم في الأزهر والزيتونة، فقلت له: ما تركته ورائي بجامع الزيتونة أحسن مما وجدته هنا بالأزهر، فصادق على قولي، وقال: هو كذلك. وحضرت محاورة بينه وبين عضده في الجمعية المرحوم علي محفوظ