للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دقاقة الأعناق، وهي العشر سنين التي بين الستين والسبعين، وقد وصلها، وكل عشر سنين من العمر لها اسم خاص، وقد رأيت له في ذلك أبياتاً في ديوانه "خواطر الحياة" (ص ١٨٢) طبعة ثانية منها:

قضيت ستين عاماً في الحياة وهل ... قضيت يومين منها في رضا الله؟

فلا يغرنك أقلام وألسنة ... تقول إنك ذو علم وذو جاه

وما أبرئ نفسي والهوى يقظ ... بين الجوانح وهو الآمر الناهي

وكان يأمر باستدعائي لحضور المآدب التي يحضرها ويقيمها للمشايخ التونسيين المنتسبين للجامع الأزهر في بيت صديقنا الحاج محمد أبو شعالة، وممن حضرها من الأحياء الذين أذكرهم: الأستاذ عبد السلام خليف، وابن عمه الشيخ البشير، وحدّث على ما كان يحدث في تلك المجالس من تعارف وود، وعلم وسياسة، وأدب وفكاهة، وقد كنت أتصل بالشيخ عبد العزيز الثعالبي، وعرفت اتجاه الشيخين والبعد ما بينهما، وكذلك ما يفصل بين الشيخ والشيخ رشيد رضا، وسبب انفصال الشيخ عن جمعية الشبان المسلمين بعد أن كان من أعضاء إدارتها، ومن المؤسسين لها، حتى آل أمرها إلى الانضواء تحت مظلة الناصرية أخيراً.

كانت لي مع الشيخ -رحمه الله- مراسلات، وكان لي مع أخيه الشيخ محمد المكي بن الحسين لقاءات، وكان آخر لقاء لي مع الشيخ الخضر حسين مرتين سنة (١٣٧٥ - ١٩٥٥): مرة بالقاهرة، ومرة بدمشق في دار أخيه الأستاذ زين العابدين، وكانت بحضرة ابن أخيه المحامي الآن الأستاذ علي الرضا الذي كان له الفضل الأكبر في جمع ونشر تراث عمه في كتب قيمة أثرت المكتبة الإسلامية، وعرّفت الناشئة ببعض مآثر ومفاخر هذه العائلة النبيلة،