لكل هذا وذاك عمد المحتل الغاشم إلى المجلة، فأغلقها بعد أقل من عام من صدورها، وكان العدد الأخير يحمل الرقم الحادي والعشرين، وقد صدر قي ذي القعدة ١٣٢٢ هـ ..
فهل يسكن الثائر المجاهد، ويستكين؟ ...
ها هو ذا بعد سنتين من وأد المجلة يقف بشمم وإباء في عام ١٣٢٤ يلقي محاضرة في تونس بدعوة من جمعية (قدماء تلامذة الصادقية) بعنوان: "الحرية في الإسلام"(١) قبض فيها قبضة من أثر الدين الخالد، ونثرها على الحاضرين، بل على مجتمعه بأسره، جواهر تصف الحرية ومعناها، والمشورة ومبناها، والمساواة بين السيد والمسود، والأمير والمأمور، وتحدث عن حرمة الدماء والأعراض والأموال ..
في مستهل كلمته حمل على المستعمر، ووصف الأمم التي تبيح لنفسها استعباد الأمم الأخرى، فقال:"الأمم المتوحشة يستهوي بها الاستئثار بالمنافع والنفيس من الفوائد أن ينسل أولو القوة منها نحو أموال الذين استضعفوا، ويصولوا عليها صيال الوحوش الضارية، ثم ينصرفوا بها إلى مساكنهم غير متحرجين من أوزارها، كأنما انصرفوا بتراث آبائهم وأمهاتهم، أو خصهم الله بما خلق في الأرض جميعاً".
وأخيراً طفح الحقد من قلب المستعمر، وكل إناء بالذي فيه ينضح، فأحكم التضييق على علامتنا الكبير حتى حمله على الرحيل عن الوطن، وأهداه