وقدم استقالته من مشيخة الأزهر في جانفي ١٩٥٤ م لكبر سنه؛ إذ تجاوز الثمانين من العمر، ولتدهور حالته الصحية، ولخلافات عديدة بينه وبين مجلس قيادة الثورة، وهو العالم الجليل صاحب الشهرة الكبيرة، والشخصية القوية، والكبرياء والأنفة، والذي لا يخشى في قول الحق لومة لائم، ولو كان سلطاناً متسلطاً.
ومما يذكر عنه في أثناء توليه مشيخة الأزهر قوله:"إن الأزهر أمانة في عنقي، أُسلِّمها حين أسلمها موفورة كاملة، وإذ لم يتأتَّ أن يحصل للأزهر مزيد من الازدهار على يدي، فلا أقل من أن لا يحصل له نقص"، وكان كثيراً ما يردد:"يكفيني كوب لبن، وكسرة خبز، وعلى الدنيا بعدها العفاء".
١١ - واصل بعد الأزهر نشاطه في (المجمع اللغوي)، وفي (هيئة كبار العلماء)، وكتابة المقالات والبحوث الدينية في بعض المجلات؛ مثل:"لواء الإسلام" التي صدر له فيها آخر مقال. وقد وافته المنية، ورجعت نفسُه إلى ربها راضية مرضية بعد ظهر يوم الأحد (١٣ رجب سنة ١٣٧٧ هـ، فيفري ١٩٥٨ م).
وقد نعاه العلامة محمد علي النجار بكلمة تأبينية، مما جاء فيها:
" ... إن الشيخ اجتمعت فيه من الفضائل ما لم تجتمع في غيره إلا في الندرى؛ فقد كان عالماً ضليعاً بأحوال المجتمع ومراميه، لا يشذ عنه مقاصد الناس ومعاقد شؤونهم، حفيظًا على العروبة والدين، يردّ ما يوجه إليهما، وما يصدر من الأفكار منابذاً لهما، قوي الحجّة، حسن الجدال، عف اللسان والقلم ... "(محاضر جلسات مجمع اللغة العربية، ج ٢١، القاهرة).