ويبرز هذا التعلق المتين والدائم في كتاباته وأشعاره في ديوانه "خواطر الحياه"، وفي متابعاته الدقيقة لما يجري في وطنه من أحداث. كما يبرز -أيضاً- في مراسلاته المتعددة والمتوالية مع صديقه العلامة الطاهر بن عاشور. وقد أكدت لنا هذا الموقف زوجتُه الفاضلة عند زيارتنا لها ولابنها (من زوجها الثاني) المستشار القانوني رئيس محكمة جنوب القاهرة حالياً الأخ الفاضل أحمد البطران.
هذا برغم حصول الشيخ الخضر على الجنسية المصرية سنة ١٩٣٢ م، وتحمله لعديد المسؤوليات العلمية، وفي مقدمتها: مشيخة الأزهر، هذه الخطة الرفيعة والمتميزة التي لا يتحملها إلا علماء مصر، وكبارُ شيوخها، وهو ما أثاره بقدر كبير من الاستفزاز والتوتر الشيخ محمد رشيد رضا صاحب "المنار" عند بروز خلافه الشديد مع الخضر حسين.
على أن ما يستحق الإشادة بهذه المناسبة هو: تقدير علماء مصر وكبار رجالها في مختلف المجالات للعلامة التونسي (هذا البحر الذي لا ساحل له)، وهو ما لاحظتهُ خلال زيارتي الأخيرة للقاهرة، وللأزهر الشريف.
٤ - قام الشيخ الخضر بزيارتين إلى الجزائر خلال سنتي (١٩٠٣ - ١٩٠٤ م)، ولئن لم نعثر على نص رحلته الأولى، فإن رحلته الجزائرية الثانية التي نشرها في الأعداد الأخيرة من "السعادة العظمى" لم يشر فيها أبداً إلى جذوره الجزائرية، ولا إلى زيارة موطن أجداده وأهله، وهو ما أثار استغرابنا خلال دراسة هذا الجانب من حياة علامتنا الجليل.
٥ - وبهذه المناسبة يجدر التذكير بمدى اعتزاز أهل "نفطة" بالشيخ الخضر، وبوالده (سيد الحسين) صاحب المسجد المعروف بحي الشرفة،