للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن لحركة الإصلاح في بلادنا مرجعياتٍ فكرية وثقافية متينةَ الأسس، وضاربة الجذور في قرار مكين من ذاكرتنا ومن موروثنا. وحتى يدرك -أيضاً-، وبالخصوص: أن حفظ هويتنا وخصوصيتنا من الذوبان في عصر العولمة، وتحقيق الحضور الفاعل، والانخراط النشيط في مجتمع المعلومات يقتضيان -بالضرورة- حرصاً مستمراً على إحياء الذاكرة، وسعياً لا يكلّ، وتعهداً هدْياً. لعلاقتنا بالمرجعيات، نستقرئها ونسائلها، ونجدد تمثلنا لها، ووضعها في كل آنٍ وحين على محك البحث والتمحيص، وهو ما تعمل (الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي) بجدّ ومثابرة من أجل تحقيقه، وهو جهد يستحق منا كل الشكر والثناء والتقدير، جهد نحييه في هذه المناسبة.

حضرات السيدات والسادة، أيها الأساتذة الأجلاء!

لقد ظهرت في البلاد التونسية - منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وإلى الثلث الأول من القرن العشرين - كوكبةٌ من رجال الإصلاح والتنوير، برّزوا في العلم، وحققوا ودققوا، ووصلوا مجد الأسلاف بمبتكرات الأخلاف، وأسهموا بقسط وافر في نشر مبادئ العقلانية والواقعية والفكر الاجتهادي، وإشاعة قيم التسامح والانفتاح والحوار، وكانوا منارات مضيئة في تاريخ تونس الفكري والثقافي.

وُيعدّ الشيخ العلامة محمد الخضر حسين الذي تعلّم في جامع الزيتونة، وعلّم فيه، ركناً من أركان الحركة الإصلاحية، وعلَماً من أعلام النهضة الفكرية والأدبية، ورمزاً من رموز النضال الوطني التونسي خلال العقد الأول من القرن العشرين.