حقاً مرعياً، ولقد كنت -حين ألاحظ أمر هذا الكابوس- يشتد عجبي، ويحتد غضبي من كونه عمَّ بلا استئناء، حتى دس الجهل في أوساط العلم، وأساغ النكران في شارع المعرفة ... "
هذه الصرخة هي من العلامة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور -رحمه الله- في كتابه "تراجم الأعلام"، وفي مقدمة له لترجمة الشيخ محمد المكي بن عزوز، وهي صرخة لهذا العَلَم، ولغيره من أعلام تونس.
وللأسف الشديد، هذا الإهمال مازال موجوداً حتى اليوم، ولكن الآن -والحمد لله- هذه هي (الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي)، إلى جانب وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، ووزارة الشؤون الدينية، تقوم بمجهود طيب في التعريف بالأعلام المنسيين.
ولعلي بهذا العرض ألقي الضوء على بعض جوانب زاوية سيدي مصطفى ابن عزوز وأعلامها.
من هو الشيخ سيدي مصطفى بن عزوز؟ وما هي ظروفه التي هاجر فيها؟ وما كان نشاطه ونشاط الزاوية؟ ثم ما أنتجَه من دعوة؟
الشيخ مصطفى بن عزوز هو ابن المربي الشهير الشيخ محمد بن عزوز البرجي الإدريسي، ينتمي إلى النسب النبوي الشريف، ولد في مدينة "البرج" القريبة من "طولقة"، وهي قرية صغيرة في الواحة، وتبعد ١٤٠ كم عن "بسكرة" بالجنوب الجزائري.
في هذه الروضة الشريفة، والدوحة الطاهرة ولد الشيخ مصطفى بن عزوز سنة ١٢٢٠ هـ "وهو ينحدر من بيت عريق في الديانة والفضل، والمنزلة الجليلة المنقطعة النظير، والصيت المطلق في الخير والهداية والصلاح، ولقد ارتكزت