سبق وأن قلت: إنه لاشك ولا ريب عند كل منصف: أن الإمام محمد الخضر حسين، والمجاهد الشيخ صالح الشريف، والعلامة المناضل الشيخ إسماعيل الصفايحي، هؤلاء الأبطال الثلاثة تونسيو الولادة، زيتونيون تعلماً وثقافة، إسلاميون نضالاً وفكراً ودعوة.
لم يجتمع الإمام الخضر حسين بالشيخين في دمشق؛ لأن الشيخ الخضر قدم دمشق سنة ١٩١٢ م، وقد سبقه الشيخان بمدة، فالشيخ صالح الشريف غادر تونس ١٩٠٦ م، وعاش مدة ستتين في دمشق، وكان له شأن عظيم لا مجال لذكره في هذه العجالة، ثم سافر إلى تركيا، أما الشيخ إسماعيل الصفايحي، فقد توجه إلى الشرق سنة (١٣٢٤ هـ - ١٩٠٦ م)، وأقام مدة قصيرة في دمشق، وانتقل إلى تركيا.
فالشيخان سبقا الشيخ الخضر إلى دمشق، وغادراها قبل قدومه، وهذا سبب عدم تعامله معهما في دمشق، وكان تعامله ولقاؤه بهما لأول مرة في إستنبول سنة ١٩١٥، أو ١٩١٦ م) ثم كان كفاحهم المشهود له في برلين. وهذا يحتاج إلى متسع من الوقت للإفاضة، وما أكثرَ ما في الجعبة من تلك المشاهد الرائعة!
- لماذا لم يحارب الشيخ الخضر الاستعمار الفرنسي الذي فرَّ منه في تونس، لماذا لم يحاربه بدمشق؟
إن حياة الشيخ الخضر -منذ مغادرته تونس وحتى آخر حياته الشريفة- كلها نضال وكفاح، ولتونس القسم الأكبر من هذا النشاط.
لقد حارب الشيخ الخضر فرنسا في كافة الميادين، بدمشق، وألمانيا، ومصر. وبالرجوع إلى نشاطه في برلين، وقيامه بتحريض الجنود المغاربة