"المخبى"، أو بيرم الخامس، أو محمد السنوسي، إلى آخر هؤلاء.
هؤلاء من كبار الرواد في الفكر الإصلاحي العربي والإسلامي. تشعر - في النهاية- أنهم كتبوا ذلك عن هدف، وأرادوا من خلال الرحلة، ومن نصوص الرحلة أن ينقلوا إلى مجتمعاتهم وإلى شعوبهم صورة التقدم في أورويا، فليس من الصدفة أن يتحدثوا عن الدساتير، وعن أنواع السلطة، وعن عمل البرلمان، وكيف أن البرلمان في فرنسا -مثلاً-، أو في أوربا يقوم بعملية المحاسبة، ويستعمل المفهوم التقليدي الحسبة، وكيف أنهم يستطيعون أن يحاسبوا الحكومة، ويسحبوا منها الثقة، كل هذه القضايا للفت النظر إليها في بلدانهم وفي شعوبهم، ثم إلى جانب ذلك هناك جوانب أخرى في الحقيقة، وبكل وضوح، أبرز هذه الأفكار الإصلاحية لم يعالجوها مباشرة، وإنما تحدثوا عنها هادفين.
لما نريد أن نحوصل ونلخص أبرز هذه التيارات. أنا عادة أصنفها إلى ثلاثة تيارات:
التيار الأول: هو التيار الذي يهدف إلى تجديد الفكر الديني، وإلى نشر التعليم والتربية؛ باعتبار أن نشر التعليم والتربية هو خطوة أساسية أولى في نشر الوعي والتقدم، والخروج من التخلف بصفة عامة.
وهنا تندرج مساعي محمد الخضر حسين، وصديقه الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ضمن هذا التيار.
وكذا ألمحتُ أمسِ بسرعة، نجد أن التيار الواحد الكبير نجد ملامح مختلفة؛ لأن أحد المصلحين -مثلاً- هو نفسه مرَّ من مرحلة إلى مرحلة ثانية. وهذا معروف في التاريخ، الشيخ محمد عبده في المرحلة الأولى كان