الاستبدادية سلطة البايات، مدحت باشا مع السلطان عبد الحميد، نفس القصة في مصر مع محمد علي وابنه إبراهيم باشا ... إلى آخره.
وهنا نجد صنفاً آخر ضمن هذا التيار الذي ذكر أنه لا يمكن أن يتقدم المجتمع العربي الإسلامي، وأن تتحقق مشاريع التحديث بدون إصلاح سياسي، لكنه كان خارج السلطة؛ بحيث هو يلتقى مع التيار الآخر، ولكن التيار الثاني يقول: يمكن أن يحقق من داخل السلطة، والصنف الآخر يقول: لا يمكن أن يتم ذلك، ومنهم: الأفغاني، وولي الدين يكن، وسليم سركيس، وهؤلاء لقوا عنفاً شديداً، ومتابعة واضطهاداً من طرف السلطة القائمة يومئذ.
أصلُ الآن إلى التيار الثالث، وأختم هنا مع ملاحظة أساسية، سواء كانوا أنصار التيار الأول التجديدي الديني البحت، أو التيار الثاني الذي انتبه إلى الإشكالية السياسية وإئما مع الهاجس الكبير أو مشاريع التحديث، الاقتداء بالنموذج الغربي، لكن دوماً مع التوفيق مع الشريعة الإسلامية، يسمونها: الاقتباس والتوفيق مع الشريعة الإسلامية.
التيار الثالث يختلف، ولكن هو أبعد من التيارين السابقين، ولكنه يؤمن بضرورة الإصلاح الفكري والسياسي، والإفادة من الجوانب المضيئة المشرقة في التراث العربي الإسلامي في مرحلة معينة. الوضع يقتضي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الإفادة من هذه الجوانب، الجوانب المشرقة المضيئة، ليست القضية شغلهم الشاغل التوفيق مع الشريعة، لا، وهذا التيار فيهم من المسلمين، وفيهم من غير المسلمين. بل بالعكس، إنهم يرون -بعد ذلك- أنه يجب القطيعة مع التراث، من أبرزهم: شبلي شميل، وحنتور. وحنتور يستشهد بابن رشد، ولكن يقول: أرجو أن يأتي يوم وننسى ابن رشد، وهؤلاء