على هذا الأساس عبّرت مقالاته عن نظر فسيح، ورؤية عميقة، ومنزع إصلاحي، وهو ما يبرز للوهلة الأولى من خلال إمعان النظر في العنونة التي توخاها في جملة مقالاته في "السعادة العظمى".
وأسوق لكم بعض هذه العناوين: حياة الأمة - التقدم والكتابة - النهضة والرحلة - الشعر العصري - مدنية الإسلام والعلوم العصرية - الديانة والحرية المطلقة - كبر الهمة. هذا المعجم الذي كان الرجل يتوخاه في العنونة، بالإضافة إلى المضامين التي سآتي عليها بإيجاز بطبيعة الحال، تبين وجهة الرجل النهضوية، وطريقه الإصلاحي.
وفي مقاله الافتتاحي الموسوم بـ:"حياة الأمة" جاء في الأسطر الأولى: "لتجدن أشد الناس فتوراً، وأضعفهم عقدة في رابطة بني جنسه، من يرى أمة متمسكة بأذيال المدنية، ساعية وراءها بحركات تبهر العيون، وتدهش الألباب، ترفل في ملابس الرفاهية تحت ظلال عزّ مكين، ويشاهد أمة أخرى في أسوأ منظر من خشونة الحال، وشظف العيش، وجهومة المسكنة، ثم لا يسأل الناس إلحافاً عن الأسباب التي ترتفع بها قواعد العمران، والعلل التي تخربها على عروشها".
هذا هو سؤال التقدم الذي يمثل مركز الاهتمام بالنسبة إلى إصلاحي القرن التاسع عشر، واللافت للنظر: أن الشيخ الخضر وصف من ركنوا إلى الجمود، ووضعوا الحواجز والموانع أمام كل محاولة للتجاوز؛ بأنهم إخوان الأنعام، ودعا على أيديهم التي تمتد بالأذى على المصلحين والتنويريين بالشلل، فقال:"رماها الله بالشلل"؛ لذلك قلت: إن مرحلة "السعادة العظمى"