الجزائر، أو في تونس، أو ليبيا، هؤلاء لا يعرفون ما يجري حتى في بلدانهم، لماذا؟ لأنهم حبسوا أنفسهم فيما يمكن أن نسميه: الوظيفة، أو العمل الرسمي، أو الجري وراء أشياء أخرى لا علاقة لها بالثقافة؛ لأن الثقافة -كما قلت- هي الوعي.
ثم إن الثقافة هي مواقف، عندما يكون الإنسان واعياً، لا بد له من مواقف تجسد ذلك الوعي، والمواقف -اسمحوا لي- لها أثمان تدفع لكي تتجسد على أرض الواقع.
ما هي مواقف المثقف في الوقت الحالي؟ مواقف المثقف -على الأقل- هي أن يؤاخي، هي أن يفتح طريق الوحدة، هي أن يعمل على تحقيق ما يصبو إليه المجتمع ككل، الشعب هنا، والشعب هناك.
لكن -مع الأسف- عندما نرى المثقف، أو ما نسميه مثقفاً يسعى دائماً لتحقيق ما يصدر عن الجهات الرسمية، هذا لم يعد مثقفاً. المفروض أن المثقف هو الذي يخط الطريق للجهات الرسمية، وليست الجهات الرسمية هي التي تخط الطريق للمثقف.
ولقد أكبرت بالأستاذ الجليل الشيخ المنجي موقفه مع وزير الداخلية، الذي أراد أن يملي عليه موقفاً من تلميذه في ذلك الوقت، هذا هو المثقف. كان يدرك، وكان يعرف أنه سيدفع ثمن موقفه هذا مع وزير الداخلية يجر عليه أتعاباً؛ لأنه كان يعرف ويدرك، فكان مستعداً لتقديم الثمن.
موضوع آخر في الجزائر جرى، هو عمر بن قدور، هذا هو زيتوني، وكان يكتب في الصحافة التونسية، والصحافة الجزائرية، وكان يظهر بموقفه المعادي للاستعمار، والداعي إلى اليقظة في أوساط المجتمع، دُعي ليغيّر