ونستلهم مآثر أجدادنا، ومكانتهم السامية". هنا أذكر أن الشيخ محمد الخضر حسين -رحمه الله- اشترك في لجنة (تدوين التاريخ) بتونس؛ مما يظهر فهمه الصحيح للتاريخ، والرأي عندي: أن له في ذلك بعض ما يذكّر بالمنهج الخلدوني، إنه كان واعي التأثر بقواعد علم العمران البشري، ويشهد بذلك اهتمامه بحياة الرجل الذي تخرج مثله في جامع الزيتونة المعمور، واستقر مثله في مصر حيث مجاله، وقد ألقى محاضرة بعنوان:(حياة ابن خلدون ومثل من فلسفته الاجتماعية).
ومن الكتّاب المعاصرين من شبّه الشيخَ محمد الخضر حسين بابن خلدون، حتى في تنقلاته وأغراضه، سواء في هجرته إلى مصر، أو إلى البلاد المغربية، نقول اليوم: المغاربية.
بخصوص الدين كمقوّم من المقومات: كل منطلقات الشيخ هي منطلقات إصلاحية، كانت مبنية على النصوص التأسيسية، على العلوم الشرعية، على الفكر الديني النيّر المؤسَّس على الاجتهاد والقيم السمحة، ومن مآثره هنا -زيادة على ما أسلفنا- يدعو إلى الاجتهاد المنضبط، إنه يعتمد الرأي حيث يثبت بالدليل، ولا يثق بالمرويات إلا بعد نقدها وعرضها على معقول المعنى. وهذا هو علم المنهج المستنير الذي ننشده اليوم، والذي به نسلم من هذه الفتاوى المضحكة المبكية التي اتسع سوقها هذه الأيام، وضمتها مذهبية مقيتة.
نعم، إن ديننا الحنيف هو عصمة أمرنا، وقوام مسارنا الحضاري، كما يقول سيادة الرئيس، والدين عقيدة وقيم ومُثل، وقراءة مقاصدية، وسند للتنمية، التنمية تستغرق كل سبل التنمية ... الدين لا ينضب معينه، وليس