قال الصاحب بن عباد: كان الأستاذ - يعني: ابن العميد - يختار من شعر ابن الرومي، وينقط عليه، وسلم إليّ القصيدة التي أولها:"راعت طلاعى جمرة تتوقد"، فتأملتها، فوجدته ترك خير بيت فيها، وهو قوله:"وجهل كجهل السيف"، وقلت: لم ترك الأستاذ البيت؟ فاعتذر بعذر كان شراً من تركه، فقال: تركته لأنه أعاد السيف أربع مرات. وقال الصاحب: لو قال: وجهل كجهل السيف وهو منتضى، أو كجهل السيف وهو منتضى، أو كحلم السيف وهو مغمد، فسد المعنى؛ يعني: من جهة البلاغة.
وقد أنكروا على أبي تمام قوله:
كانوا برود زمانهم فتصدعوا ... فكأنما لبس الزمان الصوفا
حيث أسند لبس الصوف إلى الزمان، وذلك ينفر منه الطبع؛ كإنكارهم الاستعارة المكروهة في قوله:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صبّ قد استعذبت ماء بكائي
حيث أضاف الماء إلى الملام، وعادتهم إضافته لما يستحسن؛ كماء الحسن، وماء البشاشة، وماء الحياء، ويكنى عن العزة بماء الوجه.