بين المريجات ما تحلو مناظره ... للعين لكنّ نفسي سامها ضجرُ
والنفس تضجر من دار المقام على ... رغم وإن كان من سمّارها القمرُ
وقد يؤذى العالم بالنفي من البلد الذي نشأ فيه، أو استقر به حاله؛ كما نفي ابن حزم من قرطبة إلى قرية خارجها، ونفي القاضي الحفيد ابن رشد إلى مراكش، وأحرقت كتبهما، وحب البلد الذي نشأ فيه الإنسان واستقر به أمر طبيعي، كما قال ابن خميس حين بعد عن تلمسان متشوقاً إليها:
تلمسان لو أن الزمان بها يسخو ... منى النفس لا دار السلام ولا الكرخ
وقال ابن الرومي:
وحببّ أوطان الرجال إليهمو ... مآرب قضّاها الشباب هنالكا
وقد يعاقب العالم بالعزل من وظيفته، بناء على أن العزة والرفعة بين الناس إنما نالها بالوظيفة.
وحكى لنا أستاذنا أبو حاجب: أن عالماً من العلماء أنكر على الأمير بعض المظالم، فقال له: قد عزلتك من الفتوى والإمامة والتدريس بالمسجد الفلاني!
فقال له العالم: عندي وظيفة أخرى، لا تستطيع أن تعزلني منها، وهي مقامي العلمي، لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يعزلني منه، وهو الذي يهمني.
وقد يهدد العالم إذا لم يُفْتِ بما طُلب منه، ولا يتخلص من التهديد إلا أن يذكر للفتوى ضرراً يعود على المستفتي، وأذكر لهذا مثالاً: أن بعض