وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: ١٣]: قد استثني من هذا الباب: لعب البنات، وما يصنع من الحلوى أو العجين، ووجه نظر هؤلاء: أن صورة ما يعظم ويعبد من دون الله ليس من شأنها أن تصنع مما لا يبقى زمناً طويلاً.
وقيد آخرون منع الصور المجسمة بتمام الأعضاء الظاهرة، أما إذا كانت الصورة ناقصة عضواً لو قطع من الحيوان، فقد معه الحياة؛ كالرأس، والبطن، فصنعها غير محرم عند هؤلاء، ووجه هذا القيد: أن الحديث يقول في وعيد المصورين: "ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم"، ومقتضاه: أن تكون الصورة تامة الأعضاء التي لا حياة لها بدونها, ولا ينقصها إلا نفخ الروح الذي يكون به الإِحياء.
ورأى بعض الفقهاء - فيما حكاه أبو محمد الجويني - جواز نسج الصور في الثوب، وأفتى آخرون لإباحة التصوير على الأرض ونحوها، وقال الخطابي: الذي يصور أشكال الحيوان (أي: يصنع صورتها دون أن يكون لها ظل) أرجو ألا يكون داخلاً في هذا الوعيد. ومما يصح أن يكون مستنداً لهؤلاء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، قال:"إلا رقماً في ثوب"، وهذا استثناء - وإن ورد في سياق النهي عن اتخاذ الصور - فهو يؤذن بأن رقم الصور في الثوب غير داخل فيما حرم من التصوير.
وذهب بعض الناس في الشذوذ إلى مكان بعيد، فأجازوا تصوير ما له ظل بإطلاق، حكى هذا القول بعض المفسرين عند قوله تعالى:{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}[سبأ: ١٣].
قال ابن عطية: وذلك خطأ، ولا أعلم من أئمة العلم من يجوزه، ولا حجة لهم في هذه الآية على جواز تصوير ما له ظل، ولو سلمنا أن هذه