على ثلاثة أحرف، جرى اسم المفعول مجرى اسم الفاعل، في افتتاحه بميم مضمومة، وخالفه بفتح آخره بدل الكسر.
ذلك قياس اسم المفعول الذي لا يختلف في صحته، فماذا ورد فعل متصرف، فلك أن تصوغ منه اسم مفعول، لا تتوقف في ذلك على سماع، ونقل عن الرماني: أنه قال: "لا يقال من "نفعَ" اسم مفعول، والقياس يقتضيه"، ولم ير أبو حيان وجهاً للتقيد في مثل هذا بالسماع، فقال: إن نفع كضرب، فكما يقال في مفعول ضرب: مضروب، يقال في مفعول نفع: منفوع.
واستعمل العرب للدلالة على المفعول صيغاً أخرى، ومن هذه الصيغ ما لا خلاف في قصره على السماع؛ لقلة ما ورد منه، وهي فِعْل كذِبْح، بمعنى: مذبوح، وفَعَل؛ كقنص بمعنى: مقنوص. وفعالة كلقاطة بمعنى: ملقوط. ومنها ما اختلفوا في جعله مقيساً، وهو فَعيل كقتيل بمعنى: مقتول، وصريع بمعنى: مصروع. فوقف به فريق عند حد السماع، وفتح طائفة باب القياس لنوع منه، وهو ما لم يجئ من فعله فعيل بمعنى فاعل، فيقال بمقتضى هذا المذهب: حسيد بمعنى محسود، وضهيد بمعنى مضهود؛ حيث لم يجئ فعيل فيه بمعنى فاعل، ولا يقال: نصير بمعنى منصور، أو عليم بمعنى معلوم، أو رحيم بمعنى مرحوم؛ لأنه جاء نصير بمعنى ناصر، وعليم بمعنى عالم، ورحيم بمعنى راحم.
وسبب الخلاف: أن "فَعيلاً" ورد بمعنى مفعول في ألفاظ كثيرة، والفريق الأول يعترفون بهذه الكثرة؛ ولكنهم رأوها غير كافية لفتح باب القياس، ورأتها الطائفة الثانية كافية لصحة القياس، ولكن قصروا القياس على ما لم يجئ من فعله فَعيل بمعنى فاعل؛ حذراً من التباس وصف المفعول بوصف الفاعل،