للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المزج بين المباحث النحوية والبلاغية:

كان كلَّما تعرَّض لآية خلال تفسيره للقرآن الكريم، ذكرها بطريقة تدل على تمكنه من المادة التي يتناولها، مع ما عُرف به من الجمع بين المباحث النحوية الإعرابية، والمباحث البلاغية عند إعراب الآية الواحدة.

فقد يبدأ بإعراب الآية إعراباً نحوياً، ويفاجئ القارئ بالدخول إلى مبحث بلاغي في نفس الوقت واللحظة، ومن نماذج ذلك تفسيره الآية الكريمة:

يقول في تفسيره لقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: ٢٦].

"وأمَّا: حرف تصدَّر به الجملة للتأكيد. تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدْتَ تأكيدَ ذلك، وإفادةَ أنَّ ذهابَه واقع لا محالة، قلت: فأما زيد فذاهب، والضمير في قوله: (أنه) يعود على المثل، أو على ضربه من قوله: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: ٢٦]. والحق: خلاف الباطل، وهو الثابت الذي لا يسوغ إنكارُه. ووجه كون المثل أو ضربه حقاً: أنه يوضح المبهم، ويفصل المجمل، فهو وسيلة إلى تقرير الحقائق وبيانها.

وقال: (أنه الحق) معرَّف بـ "ال ولم يقل: أنه حق؛ للمبالغة في حقيقة مثل. ومن المعروف في علم البيان: أن الخبر قد يؤتى به معرَّفاً بـ "ال"؛ للدلالة على أن المخبر عنه بالغ في الوصف الذي أخبر به عنه مرتبة الكمال. وأشار إلى ما يتلقى به الكافرون هذه الأمثلة عندما تتلى عليهم، فقال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} [البقرة: ٢٦].