للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بن محمد آل أبو عليان، ولا يزال ذكره على لسان كل فرد منهم.

ولم تسكن بريدة على قاض سكونها عليه، فهو أمثل قضائها وأطولهم مدة، ومتى ذكروه أخذوا يترحمون عليه، وكان واسع الاطلاع في فنون عديدة وآية في الورع والزهد وعزة النفس جلس للتدريس زمنًا فألتف إلى حلقته طلبة كثيرون، وانتهى الإفتاء والتدريس في بريدة إليه، وكان حسن التعليم إلا أن تدريسه على الطريقة القديمة سم بركة.

وتخرج على يديه طلبة لا حصر لعددهم، ومن أبرزهم محمد بن عبد الله بن سليم، ومحمد بن عمر بن سليم وعبد الله بن مفدى، ومن عنيزة الجد صالح بن عثمان القاضي وعلي بن ناصر أبو وادي، ومن الرس صالح القرناس، ومن المذنب عبد الله بن دخيّل في آخرين.

ولما أرهقته الشيخوخة طلب الإعفاء من منصبه فأعفي منه بعد حوالي أربعين سنة أمضاها في العلم تعلما وتعليمًا، ونفعًا للخلق وخدمة للشرع المطهر وكان قد استناب الشيخ محمد بن سليم (١)، وعزم على المجاورة في مكة، فلما لبوا طلبه وأعفوه عزل نائبه ابن سليم، وقال هم يختارون من يرتضونه لهم قاضيًا، فاختاروا محمدًا (٢)، وجاور سليمان بن مقبل رحمه الله في مكة ولازم الحرم زمنًا طويلًا ثم توالت عليه الأمراض فعاد من الحجاز إلى خب البصر، وكان له فيه أملاك فبقي فيه حتى وافاه أجله المحتوم وذلك سنة ١٣٠٥ هـ فحزن الناس لموته ورثي بمراثٍ عديدة وبكاه الخاص والعام لما كان يتمتع به من أخلاق عالية وصفات جليلة خلدت ذكراه، وكانت مجالسه مجالس علم ممتعة للجليس مستقيم للديانة مرحًا للجليس متواضعًا رحمه الله وهو عم محمد بن مقبل قاضي البكيرية (٣).


(١) كان استناب على القضاء هذه المرة مدة غيابه في الحج الشيخ محمد بن عمر بن سليم، بخلاف المرات السابقة فكان نائبه فيها الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
(٢) أي محمد بن عبد الله بن سليم.
(٣) روضة الناظرين، ج ١ ن ص ١٢٤ - ١٢٥.