ودافع عن تعليم الفتاة دفاعًا حارًا حتى لقد اعتبر تعليمها أوجب من تعليم الفتى، وإذا كانت المرأة مسؤولة عن كل ما في البيت، وعن كل ما يدخل فيه وما يخرج منه والأمة كلها لا تخرج في مجموعها عن أن تكون مما يدخل ويخرج من البيت وفي البيت، وأفراد الشعب قاطبة أبناء البيت، فهي مسئولة عنهم إذن جميعًا، هي مسئولة عن الأمة كلها، وعن استعدادها وتربيتها وتوجيهها وسوقها إلى الخير والكمال، وعن بناء أجسامها وتكوين أرواحها.
وإذا كان هذا كله حقًّا - وهو بلا ريب حق - قيل: كيف يمكن للمرأة الجاهلة المحرومة من كل تعليم ومن كل تهذيب، بل المحرومة من مبادئ الكتابة والقراءة أن تقوم بكل هذا؟ بل كيف يمكن للمرأة المتعلمة نصف تعليم أو بعض تعليم أن تقدر على القيام بهذه الأعمال الجليلة؟ بل لو قيل كيف تستطيع المرأة المتعلمة أفضل تعليم وأكمله أن تفي هذه الأغراض حقها؟ وقيل إن هذا غير مستطاع لكان قولًا حقًّا.
أليس معنى هذا أنه يجب أن تكون المرأة عالمة بكل علم إن كان ذلك مستطاعًا أو أن تكون ملمة بمبادئ العلوم كلها إلمامًا كافيًا، وأن تكون عارفة بأصول التربية، وأصول علم النفس، وأصول علم الاقتصاد والفلسفة والأدب، عارفة بطرق التغذية وأصناف الأغذية وبالصحة والتمريض، وبشيء كثير مما يسمى الفنون الجميلة، عارفة بالمحادثة وأصولها، عارفة بكل ما يلزم لصلات الناس بعضهم ببعض.
لو أن قائلًا قال: إن تعليم المرأة أوجب وأفضل من تعليم الرجل من أجل ما ذكرنا ومن أجل ما سواه لما كان قوله باطلًا، ولما كان قائلًا غير الحق، ولو أن قائلًا قال: إن الأمة التي لا تتعلم نساؤها لا أمل في نهوضها ووثوبها - أو قال: إن الأمة التي لا تتعلم نساؤها لا رجاء في أن يتعلم رجالها تعلمًا صحيحًا