عبد العزيز ساب يسهر الليل ممسكًا (الأتريك) بيديه للعامل الذي يجمع الحروف بيديه، وقد يشرق الصباح قبل الانتهاء من الصفحة الأولى والأخيرة، وهو يمثل يسر الحياة وسهولتها في ذلك الوقت.
[الوظائف الحكومية]
بينما كنت منهمكًا في قسم التصحيح إذا بداع يأتي فيطلب إليَّ مقابلة (مفتي المملكة العربية السعودية) الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - فذهبت إليه بعد المغرب في عمارة في الجبل المشرف على القرارة، ووجدته يجلس في رف (برنده) لا يتسع لاثنين، يشرف على قهوة في أول جبل (الفلق) تنبعث منها روائح (الشيشة) وليس هناك كهرباء، وقد تضايق من الحر فجلس هناك يستنشق الهواء، ولكنه كان هواء معفنًا وكنت لا أعرفه قبل هذه اللحظة.
أجلسني بجواره أبْعِدُ رجلي عن رجليه لضيق المكان - وبكلمات مختصرة أبلغني أنه اختار ثلاثة ممن تخرجوا هذا العام من كلية الشريعة بمكة ليكونوا مديري (معاهد علمية) وهي المعاهد التي يرأسها سماحته، وأنني أحدهم، وأردف قائلًا: أختر معهد شقراء أو معهد عنيزة - فقلت: إنني لا أعرف البلدين ولكنني زاملت طلبة من شقراء في دار التوحيد، والكلية فرأيتهم أذكياء وأنا ذاهب إلى هناك لمهمة التعليم، فيهمني أن يكون طلابي ناجحين علماء فاختار شقراء.
فقال أحسنت وبارك الله فيك ووفقك اذهب إلى الرياض تجد الأخ الشيخ عبد اللطيف مدير المعاهد العلمية - هناك - وانتهى الكلام فاستأذنت وانصرفت.
فتوجهت للرياض - أول مرة - ووجدت الشيخ عبد اللطيف واقفًا ينتظرني.
ولما حياني بعد أن قدمت له - قال أسرع السيارات والناس ينتظرونك - فذهبت على الفور، وافتتحت المعهد في ظروف معيشية صعبة، وتحملت كل