للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللصاقة (١)، فوجد آثار الجيوش صادرة منها، فنزل على الماء وتحقق أن قفولهم عليه، أو على اللهابة أو القرعا، وكانت موارد قريبًا بعضها من بعض، فبعث سعود خيلًا إلى اللهابة وخيلًا إلى القرعا خوفًا يردونها، وهو لا يعلم ورتب عيونا لقفولهم، فلم يلبثوا إلَّا أن أقبلت عليهم جموع بني خالد واردين كأنها قطع الليل، فنهض المسلمون فرسانًا وركبانًا، فلم يثبتوا لهم ساعة واحدة، حتى انهزموا لا يلوي أحد على أحد ولا والد على ما ولد، فتبعهم المسلمون في ساقتهم يقتلون ويغنمون واستأصلوا تلك الجموع قتلًا ونهبًا، وانهزم براك بن عبد المحسن ومعه شرذمة قليلة من الخيالة إلى المنتفق، وهلك من بني خالد في هذه الوقعة بين القتل والظما خلائق كثيرة، قيل إنهم أكثر من ألف رجل، وأخذ جميع ركابهم وخيلهم وأذوادهم وأمتاعهم (٢).

[سور حجيلان]

ومن مآثر حجيلان بن حمد التي تدل على بعد نظره، وحرصه على مستقبل بلده ذلك السور العظيم الذي عرف بسور حجيلان، ولم يكن له نظير عند إنشائه في أي بلد من بلدان نجد مما بلغنا خبره.

لم يذكر المؤرخون كيفية بناء هذا السور، وإنما ذكروا نتائج بنائه، وأن الغزاة الذين غزوا بريدة بعد ذلك لم يستطيعوا اختراق ذلك السور، وقلت في (معجم بلاد القصيم) ولا أزال أقوله هنا إن هذا السور صمد لمدافع العراق المرسلة من الدولة التركية مع ثويني بن شبيب وإن مدافع مصر التي ربما كانت مرسلة من تركيا ووصلت إلى القصيم مع إبراهيم باشا قد عجزت عنه أيضًا.

وقد سمعنا من ثقات الإخباريين كيفية إنشاء هذا السور الذي ربما كان في ذهن الأمير حجيلان بن حمد عندما كان يهم ببنائه، ما كانت تعرضت له


(١) اللصافة اليوم هجرة (قرية) يسكنها أناس من قبيلة مطير الجبلان.
(٢) عنوان المجد، ج ٢، ص ٢٠١.