في تراجم أدباء العراق مطلع القرن العشرين يتردد اسم سليمان الدخيل الأديب النحرير والمؤرخ الخطير والصحافي القدير، حسب تعبيرات ذاك الزمن، وسليمان الدخيل يمثل أحد أوجه الإفصاح عن تعددية الأصول والمنابع واختلاف الاهتمامات في الثقافة العراقية عند مفتتح القرن المنصرم، فقد أسهم في (لغة العرب) مجلة الأب انستاس الكرملي منذ صدور العدد الأول ١٩١١ م، متتبعًا منهج المؤرخ والعارف والمهتم بطبوغرافيا البشر والقبائل في الجزيرة العربية والعراق، وتلك كانت من المواضيع التي أولتها المجلة اهتمامًا يضارع انشغالاتها التأسيسية الأخرى في معرفة الأصول اللغوية والأثنيات والطوائف في بلاد ما بين النهرين، كما يتردد في كتابات مطلع القرن.
اختلاف الدخيل عمن سواه من الكتاب العراقيين، ينبع من أصوله النجدية، حيث أعاد إنتاج ذلك الانتماء معرفيا من دون أن يركنه زاوية معتمة في حياته ليظهر على هيئة ولاء ضيق الأفق، على هذا استطاع أن يجد مكانة منفردة بين أدباء وباحثين معظمهم من بغداد ومن المدن الرئيسية.
يحتاج سليمان الدخيل للتعريف به، ما يشبه التفرغ والمؤسف أن القارئ خارج العراق يلقي العنت في الحصول على كتبه التي نشرها في بغداد، شأنه شأن الكثير من أدباء وصحافي مطلع القرن العشرين الذين طواهم النسيان مع كل الجهود التي بذلوها.
برز الدخيل في وقت بدت فيه الثقافة العراقية مقبلة على نهضة لا تنبع قيمتها مما شهدته من تطور في ميدان الأدب حسب، بل من اتساع أفقها الفكري واستيعابها مكونات مختلفة من الآراء والأفكار، وظاهرة سليمان الدخيل في تلك الثقافة تعكس أحد أوجه التنوع المعرفي الذي يتجه عمقًا نحو