عندما طال الحصار على أهل بريدة واستمر، وبينما كان سعدون بن عريعر ومن معه من الذين كانوا يحاصرونها ينتظرون أن تستسلم سمعوا في إحدى الليالي ضربا على الدف وغناء صادرا منها فسألوا عنه فقالوا: هذا الزواج الأمير حجيلان، فعلموا أنهم وحصارهم لم يؤثروا على أهل بريدة، وكان ذلك مما جعلهم يتيقنون من أنه لا فائدة لاستمرار حصارهم فرحلوا وتركوها.
رحلوا عن بريدة وتركوها، ولكن أهل بريدة لم يتركوهم، فقد صاروا يلاحقونهم بشن الغارات عليهم كما قال ابن بشر رحمه الله:
"وفيها ركب من أهل بريدة في أثر سعدون رجال، فوافقوا قافلة معها هدم ظاهرة من الشمال رئيسهم النفيش، فوافقهم بأرض المستوى فأخذوا أموالهم، وقتلوا رجالهم وكان معهم مال كثير لأهل المدينة فأمر عبد العزيز برده إليهم، ولم يبق منه شيء"(١).
[رواية ابن غنام]
وهذا نص ما أورده المؤرخ حسين بن غنام في تاريخه الذي عنوانه روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام، وتعداد غزوات ذوي الإسلام) وهو أقدم من ابن بشر عهدًا، بل إن هذه الوقائع حدثت في حياته، ربما كان ابن بشر قد استوحي ما ذكره هنا أو بعضه من تاريخ ابن غنام كما يراه بعض الباحثين وإن لم يصرح ابن بشر بذلك.
ولا يعيب كلام ابن غنام هذا إلَّا بعض السجع المتكلف أو الذي لا لزوم له، وإلا فإنه يوضح العبارة وسجعة متكلفة واحدة ربما تجلو المراد من جملة أو جمل فيه أو توضحه.