وسوف نعلق على كلام ابن غنام ما نراه يحتاج إلى تعليق، وبخاصة ما كان يريده من معنى الارتداد الذي ظاهره الارتداد عن الإسلام، وابتغاء دين غيره، وإن لم يقل إن أهل القصيم الذين وصفهم بالمرتدين قد استبدلوا به دينًا آخر، وإنما ذكر ارتداد أهل القصيم ما عدا بريدة والرس والتنومة، وذلك يحتاج إلى إيضاح وبخاصة للقراء في هذا العصر، وقد حذفت من كلامه بعض السجعات والمترادفات التي لا لزوم لها.
قال ابن غنام في تاريخه (١):
وفيها جرى ذلك الأمر العظيم والخطب المدلهم الجسيم وهو ارتداد أهل القصيم، فقدر المولى الرحيم أن يرتعوا في ذلك المرتع الوبي الوخيم، وذلك أن كافة أهل القصيم إلَّا بريدة والرس والتنومة لما أراد الله تعالى عليهم المسكنة والذلة وقضى عليهم في سابق الأزل بالهوان والمذلة، اجتمعوا على الغدر بأهل الدين وقتل من عندهم من أهل التوحيد وخصوصًا المعلمين فحضر كافة رؤسائهم وكبرائهم وقدمائهم في ذلك الوقت والزمان، يوم الجمعة في خفي مكان فتفاوضوا الأمر وأبرموه وشدوا عقدته وأحكموه، وتعاطوا بينهم الأيمان والعهود وحققوا الوفاء بالعقود على تقل أهل كل بلد من عندهم من المسلمين موجود، في يوم معين عندهم معدود، وزمن مؤجل معروف وقته مشهود، فحين تم ذلك الأمر وانقضى انصرف كل إلى بلده ومضى، ولم يكن عند المسلمين من ذلك خبره إلَّا أنهم على ما يصدر عليهم في حالة يقين ورضى، فأرسل أهل تلك الأوطان إلى سعدون بن عريعر يخبرونه بذلك الحال والشأن، حتى يقدم ومن معه من البدوان، فكان قدوم ذلك الرسول عنده هو المني والسول، فبادره بإعطاء البشارة بعدما أعلمه بالمأمول، وأنه سريع الحصول