للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند أهل السنة - وهو مطبوع في فارس (١).

[أسلوبه التعبيري]

أما طريقته في التعبير - في هذا الطور - فتجري على أساليب العرب الرصينة وهو بحكم ثقافته وأرومته العربية الأصيلة، لا معدي له أن يجري على هذه السنن، تراه يميل إلى التقرير حينًا وإلى الجدل حينا وإلى الخطابة حينا ثالثا، حسبما يقتضيه المقام، وربما استخدم جملًا مترادفة وكرر بعض الألفاظ إذًا ما أخذه الحماس، وربما سجع وزاوج، أما جمله فتارة تقصر وتارة تطول وربما وجدنا في أسلوبه شيئًا من الخفة والعذوبة إلَّا أنه بحكم الموضوعات الكلاسيكية الدينية التي يتناولها، لا يجد المجال الفني، وأيا كان الأمر فعبارته لم تبلغ من الدقة والقوة والرصانة وفن هندسة الكلام ما بلغه في الأطوار التالية.

وإليك مثلًا من إحدى طرائفه في التعبير:

"ظل (محمد صلى الله عليه وسلم) يضرب لهم هذه الأمثال حتى خرج من الدنيا، والدنيا لا تعرف غير محمد وأمثال محمد، وحتى خرج من الدنيا والناس لا يعرفون غير محمد وغير فضل محمد، وحتى ظل العربي الذي يحب الحياة يعانق الموت الزؤام باسم الثغر راضي النفس يحفزه ما يتصوره في مخيلته من جهاد محمد وشجاعة محمد، وحتى ظل العربي يدخل على أعظم ملوك الأرض جبروتًا وسلطانًا وفتكًا غير حاسب إلَّا أنه رجل من سائر خلق الله، وذلك لما بقي في رأسه من أمثال محمد في عزة النفس وفي إباء الضيم وفي تعظيم الله وحده، وحتى ظلت الفئة القليلة من المؤمنين تناجز الجموع المعدودة بمئات الألوف غير حاسبة إلَّا أنها في قبضتها وغير حاسبة إلَّا أنها آخذة بناصيتها، وذلك لأن محمد ضرب لها المثل


(١) المصدر نفسه، ص ١.