الحرب التي أوقدها إبراهيم باشا بجيشه الجرار الذي جاء به من مصر وأمدته تركيا بما شاء من مال وسلاح وجنود مودبين لم تدرس من ناحية الهجوم ولا الدفاع، ولا قوبلت من المحللين العسكريين بما تستحق من الإعداد والاستعداد وبخاصة ملاقاتها قبل الوصول إلى مراكز السكان في نجد التي كانت خط الدفاع الأول عن الدرعية.
مع العلم بأن هذا الجيش الجرار فيه من العدد والعدة والأسلحة النارية التي لم يكن عند أهل نجد مثلها، ولكن كان عند أهل نجد أسلحة معنوية بها يدافعون منها عقيدتهم التي جاء إبراهيم باشا لطمسها بحجة أنها الوهابية، ومنها أسلحة عاطفية لأنهم يدافعون عن أهليهم وذراريهم وبلدانهم، ومنها طبيعة الأرض التي لابد أن يمر بها التموين والإمدادات التي يطلبها الجيش التركي فهي في صالح أهل نجد لأنها بعيدة شاقة.
ولئن قلنا صادقين: إنه ليس بمقدور أهل نجد مقابلة جيش إبراهيم وجهًا لوجه، فإن ذلك الجيش يمكن أن يعاق تقدمه، بل أن يعطل تقدمه عن طريق قطع إمداداته التموينية لو كانت هناك مقاومة صادقة.
ومنها الإغارة بما يشبه حرب العصابات التي تقول: اضرب واهرب، فما كان لجيش مثل جيش إبراهيم باشا أن يلاحق العصابات التي تشاغله في بيئة صحراوية معادية لو صدقت المقاومة.
ولقد رأينا كيف كان صمود أهل الرس أمام جيش إبراهيم باشا وما كان معه من مدافع وأسلحة نارية لأكثر من ثلاثة أشهر، وهو كان في عنفوان قوته، وإمداده قريب، لأن موقع الرس بالنسبة إلى الإمدادات التي تأتي من جهة البحر من ينبع أو جدة بالنسبة إلى الأماكن الأخرى في نجد غير بعيد.